الوسواس القهري التسلطي
Obsessive-Compulsive Disorder
OCD
- هل رأيتم يوما رجلا يكرر الوضوء عشرات المرات اعتقادا منه انه لم يستوعب اعضاء الوضوء؟
- هل رأيتم يوما رجلا يريد أن يدخل في الصلاة فتراه يقول نويت أصلي 4 ركعات فرض الظهر ويكرر هذه العبارة عشرات المرات قبل أن يدخل في الصلاة ولربما لم يستطع الدخول في الصلاة اعتقادا منه أنه لم ينو الصلاة على الوجه الصحيح؟ او ربما يخرج من الصلاة عدة مرات ليكرر النية
- هل رأيتم يوما من يكرر اغلاق الباب عشرات المرات اعتقادا منه انه لم يغلقه جيدا ولذا فسيهاجمه اللصوص؟
- هل رأيتم يوما من يمكث في الحمام لساعات طويلة اعتقادا منه انه لم يتطهر أو لم يتم الاغتسال جيدا ؟
- هل رأيتم من تلاحقه في ذهنه اغنية معينة أو مقطع موسيقي أو مشهد معين وتلاحقه هذه المقاطع او المشاهد حتى تتعبه وتنهكه؟
- هل رأيتم يوما من يقرأ الفاتحة في الصلاة ويظل يكرر الآية الأولى منها حتى ينتهي الآخرون من الصلاة وهو لا يزال واقفا مكانه يردد الآيات الأولى من الفاتحة؟
- هل رأيتم يوما من يردد لفظ التحيات لله والصلوات والطيبات عشرات المرات اعتقادا منه انه لم يستكمل نطق حروفهابوضوح أو بطريقة صحيحة؟
- هل رأيتم يوما من يغسل يديه بالصابون لساعات حتى تذوب الصابونة بين يديه وهو لا يزال يغسل يديه اعتقادا منه انه لم يوف يديه حقهما من التنظيف؟
- هل رأيتم يوما من يخاف ان يلمس الأشياء العادية في بيته او في عمله خوفا من العدوى ؟
هذا هو الوسواس القهري التسلطي
انه مرض نفسي مزعج جدا وللأسف تكمن خطورته في أن صاحبه يتأخر كثيرا حتى يكتشف انه محتاج للعلاج فيذهب للأطباء في فترة متأخرة يكون المرض قد تمكن منه – هذا إن ذهب أصلا للطبيب ونجح احد المقربين في اقناعه بضرورة الفحص الطبي
ورغم ان هذا المرض مزعج ويدمر طاقات صاحبه الجسدية والنفسية والذهنية إلا أن له علاجا مفيدا إذا استسلم المريض لطبيبه وبدأ معه العلاج وصبر عليه.
ما هو الوسواس القهري التسلطي؟
الوسواس القهري التسلطي مرض نفسي يتميز بوجود افكار او حركات او مخاوف او اندفاعات مستمرة ومتكررة وقد تكون دائمة او تأتي بصفة دورية اي تختفي حينا وتظهر حينا آخر
وبعد فترة من تأصل المرض يدرك المريض تماما ان هذه الوساوس تافهة ويتمنى أن يتخلص منها ولكنه لا يستطيع ويظل فريسة لهذه الوساوس تدمر حياته وتستنفذ ساعات يقظته حتى يصاب بالاكتئاب والخجل الاجتماعي مما يزيد الحالة تعقيدا وسوءاً.
ما سبب الوسواس القهري التسلطي ؟
يعتقد العلماء وكما تشير الأبحاث أن مرض الوسواس القهري يتضمن مشكلات في الاتصال بين الجزء الأمامي من المخ (المسئول عن الإحساس بالخوف والخطر) والتركيبات الأكثر عمقًا للدماغ (العقد العصبية القاعدية التي تتحكم في قدرة المرء علي البدء و التوقف عن الأفكار). وتستخدم هذه التركيبات الدماغية الناقل العصبي الكيميائي” سيروتونين “. ويُعتقد أن مرض الوسواس القهري يرتبط بنقص في مستوي السيروتونين بشكل أساسي مما يسبب خللا في تنظيم المعلومات داخل المخ .ولذلك لوحظ أن الأدوية التي ترفع من مستوى السيروتونين في الدماغ تساعد عادة على تحسين أعراض الوسواس القهري.
نسبة انتشار هذا المرض:
هذا المرض ليس نادرا كما يعتقد البعض بل على العكس يكفي أن نعلم أن 2% الى 3% من البشر مصابون به على درجات مختلفة – يكفي هذا لنعلم مدى انتشار هذا المرض وأنه لم يأخذ حقه من العلاج والتوعية والتثقيف للمجتمع.
هل هناك احتمال لتوارث المرض عبر الأجيال؟
لوحظ ان المرض ينتشر بين أفراد العائلة الواحدة حيث وجد ان اولاد المرضى بالوسواس القهري قد يعانون من نفس المرض أكثر من الآخرين وتصل نسبة الوراثة حوالي 10-15% من الحالات .
كما لوحظ أنه اذا كان الأبوان مريضين بالوسواس فإن احتمالات اصابة الأبناء تتضاعف .
كما لوحظ زيادة نسبة اصابة الذرية بالوسواس إذا أصيب كان احد الوالدين قد أصيب بالمرض في مرحلة طفولته
متى يبدأ هذا المرض ؟
مشكلة هذا المرض أنه غالبا ما يبدأ منذ الطفولة ولكنه لا يلاحظ ولا يتم تشخيصه الا في فترة المراهقة او البلوغ .
كما ان المريض يتجاهل كونه مريضا حث يعتقد في بداية الأمر أن ما يقوم به هو نوع من الدقة المطلوبة في انجاز الأمور .
وايضا يلعب الفهم الخاطئ لدى عموم المجتمع في مبدأ الذهاب للطبيب النفسي طواعية في تأخر المرض وتأخر اكتشافه ومن ثم علاجه حيث غالبا ما يبدأ المريض في طلب المعونة الطبية متأخرا اي في أواخر العشرينات أو الثلاثينات من عمره اي بعد ما لا يقل عن 10-15 سنة من وجود المرض
ترافق الوسواس القهري مع الاكتئاب
بسبب اختلال النواقل العصبية وبسبب ما ينتجه الوسواس القهري من ارهاق بدني وذهني ونفسي على المريض فإنه غالبا ما يرافق الاكتئاب هذا المرض فحوالي 60-80% من مرضى الوسواس القهري مصابون بنوع او بمرحلة من مراحل الاكتئاب بل يكاد ان يكون كل مرضى الوسواس القهري قد مر احدهم بنوع من انواع الاكتئاب في اي مرحلة من حياته
العلاج والوقاية:
لفترة طويلة لم نكن قد وقفنا على اسباب واضحة لهذا المرض ولكن وكما ذكرنا فإن معظم آراء العلماء تشير حاليا الى اختلال نسب بعض النواقل العصبية في المخ وعلى وجه التحديد مادة السيروتونين .
ولهذا فإن أفضل ما يعالج به الوسواس حاليا هي مثبطات إعادة سحب السيروتونين الاختيارية(selective serotonin reuptake inhibitors) وهي نفس الأدوية التي توصف لعلاج الاكتئاب ونظرا لأن الاكتئاب عنصر مرافق للوسواس غالبا فإن العلاج يكون ناجحا جدا للأمرين
كما يستخدم الأطباء ومقدمو الخدمة الصحية العلاج السلوكي والمعرفي بنجاح ترافقا مع العلاج بالعقاقير
وتكون نسب النجاح في أعلاها اذا اتحد العلاجان أي الطبي بالعقاقير مع العلاج السلوكي والمعرفي
دور التثيف الصحي
يكمن دور التثقيف الصحي في توعية المجتمع والأسر بعدة أمور تخص هذا الشأن وهي على النحو التالي:
توعية المجتمع بضرورة الفهم الصحيح لمبدأ زيارة الطبيب النفسي وضرورة نفي وصمة الجنون التي يلصقها الناس بمن يدخل عيادة الطبيب النفسي
1. ضرورة ان يفهم الناس أن الكثير من الأمراض النفسية الآن لها أسباب عضوية واضحة تم التعرف عليها والتأكد منها وأن الأمراض النفسية ليست لغزا محيرا
2. ضرورة ان يفهم الناس أن الكثير من هذه الأمراض النفسية قد وجد لها الأطباء علاجات حاسمة توصل الى الشفاء التام من خلال معرفتهم المسبقة بأسباب المرض والوقوف عليها وتحديدها بمنتهى الدقة
3. ضرورة ان يفهم الناس أنه وكما قد ينتكس المرض البدني ويعاود الظهور فإن المرض النفسي ايضا قد تكون عادة الانتكاس فيه ربما اكثر من المرض البدني ولذلك على المريض النفسي وأسرته ان يتفهموا هذا الأمر حتى يتأهلوا لإعادة العلاج او تحويره حسب توجيهات الطبيب المعالج في حالة حدوث انتكاس وعودة للمرض
4. ضرورة ان يفهم المريض وأسرته أن علاج الوسواس القهري يؤتي افضل نتائجه في حالة ترافق كل من العلاجين الدوائي والسلوكي والمعرفي سويا
5. ضرورة ان يفهم المريض وأسرته أن العزيمة وإرادة الشفاء من اهم العوامل في نجاح العلاج وتحقق الشفاء
6. ضرورة ان يفهم المجتمع أن هذا المرض يبدأ في الظهور غالبا في مرحلة مبكرة من العمر اي في مرحلة الطفولة غالبا ولذا يجب على الأسرة أن تراقب أطفالها وتلاحظ مثل هذه العوارض وان تبادر في طلب المعونة الطبية اذا لاحظت تكرار هذه العوارض
7. ضرورة ان تفهم الأسرة أنه كلما اكتشف هذا المرض مبكرا كلما كان العلاج أسهل وأنجح وكلما كانت احتمالات انتكاسات وعودة المرض أقل
8. توعية الأسرة بمتابعة المريض ومراقبته أثناء أدائه للأفعال القهرية التي لاحظت الأسرة أنه يكون فريسة لها وعلى الأسرة أن تتدخل بهدوء ولطف لكسر تسلسل هذه التصرفات ولإيقاف التكرار الحاصل في تلك الأفعال
9. يحتاج مريض الوسواس الى من هو قريب منه على ان يكون لديه الثقافة والقدرة على الحوار مع المريض لإيضاح نقطة الخلل في تصرقاته القهرية فعلى سبيل المثال في مسالة امتناع بعض مرضى الوسواس من لمس اي شيء حولهم خوفا من العدوى يمكن للقريبين من المريض افهامه ان الكائنات الحية الدقيقة التي تحيط بنا منها ما هو نافع ومنها ما هو ضار وان النافع هو الأكثر والأعم والا لفسدت علينا الحياة لوكنا سنتنفس جراثيم ونلمس جراثيم ونأكل جراثيم ولذا فمن الممكن لمس الأشياء العادية كمقابض الأبواب والجدران وامتعتنا الشخصية دون الحاجة الى غسل الأيدي المتكرر
10. للإسلام دور كبير في منع وعلاج الوسواس فتحديد مرات الغسل في الوضوء يمنع هذا الأمر وتفهم ان الزيادة ليست مطلوبة كما قال النبي صلى الله فمن زاد فقد أساء وتعدى وظلم – هذا الفهم يجب ان يصل الى المريض بهدوء ولطف حتى يساعده على اكتساب الثقة ان ثلاث مرات للوضوء تكفي بل يجب على رفقاء المريض تعويده وتعليمه ان الوضوء مرة مرة او مرتين يجزئ ويجب تعمد الاتفاق مسبقا قبل شروع المريض في الوضوء ان هذة النوبة من الوضوء ستكون مرة مرة او مرتين مرتين في بعض الأحيان
11. وفي مثال الوضوء السابق يكون من المجدي جدا ان يأتي المرافق بمرآة لكي يجعل المريض ينظر من خلالها الى كل نقطة في ذراعه مثلا ليتأكد أن الماء قد غطاها ويمكن عمل هذا الموضوع اكثر من مرة حتى يتيقن المريض مرة تلو الأخرى انه قد استوفى اعضاءه بالوضوء وأسبغها بالماء فتزول عنه هذه العلة التكرارية تدريجيا على ان يكون ذلك مترافقا مع تطبيق العلاج الدوائي كما ذكرنا
12. يمكن لرفقاء المريض تسجيل قراءة المريض في الآية الأولى مثلا من سورة الفاتحة ثم إسماعها له حتى يتأكد أنه قد نطقها وتلاها كاملة غير منقوصة والتأكيد على هذا المفهوم من خلال التسجيل لعدة مرات حتى يبدأ منطق الشك الزائد عند المريض في الزوال تدريجيا كما لا يجب اهمال الرقية الشرعية
13. يجب على أسرة المريض أن تفهم أن مرض الوسواس القهري تسلل الى مريضهم منذ سنوات حتى وصل الى الحالة التي ظهرت فيها الأعراض بهذا الشكل ولذلك عليهم ان يتحلوا بالصبر والشجاعة وعدم الاستعجال في ترقب نتائج العلاج