صحة الطفل أساس صحة الأسرة

يعدّ الاهتمام بصحة الطفل منذ كونه جنيناً في رحم أمه، مروراً بجميع مراحل نموه هو حجر الأساس لبناء أسرة قوية يتمتع جميع أفرادها بصحة أفضل وأداء أكثر تميزاً في جميع المجالات.

لذلك يجدُر على كل أم ألا تألوَ جَهداً فيما يخص صحة أطفالها، وأن تتعلم وتطلب المشورة الطبية دائماً لتحقق لهم أفضل مستوى صحي. وذلك في كل مراحل نموهم والتي تشمل:

عندما لايزال الطفل جنيناً في رحم أمه:

ينبغي على الأم المتابعة الدورية المستمرة عند الطبيب المختص، لمعرفة الفيتامينات والعناصر الهامة التي يجب تناولها من أجل صحة أفضل للجنين، ومن المعلوم لدى كل الأمهات أن للتغذية السليمة أثناء الحمل الدور الأهمّ في بناء صحة أفضل لأطفالهن، وبالطبع لا تعني التغذية السليمة كثرة تناول الطعام فقط، نعم أنتِ تحتاجين في الحمل لكمية أكبر من الطعام نظراً لمتطلبات الجنين، ولكن الأهم هو الغذاء المتوازن الذي لا يُغفل العناصر الأساسية كالحديد والكالسيوم والعديد من الفيتامينات الأخرى. لا تترددي في استشارة الطبيب دوماً عما إذا كانت هناك أطعمة غير مفضّل تناولها في الحمل بالنسبة لحالتك الصحية وحالة جنينك. واستمري في ذلك حتى تقر عينك برؤية مولودك سليماً معافاً يتمتع بوزن مناسب وصحة جيدة.

من بعد الميلاد وحتى عمر عامين:

لاتخفى أهمية الرضاعة الطبيعية، فلبن الثدي هو الغذاء الأمثل للرضّع ونموّهم بطريقة صحية؛ كما أنه عنصر أساسي في الحفاظ على مناعة الأطفال، لما يحتوي عليه من أجسام مضادة وعناصر هامة، لذلك لا تحرمي طفلك من الاستفادة بهذه الفوائد الجمّة التي هيأها الله له متى تسنّى لكِ ذلك.

والجدير بالذكر أنه ينبغي الاقتصار على الرضاعة الطبيعية لتغذية الرضّع، أي تغذيتهم بلبن الثدي فقط، طيلة الأشهر الستة الأولى من حياتهم، وذلك بناءً على توصيات منظمة الصحة العالمية، لضمان أفضل مستوى من النمو والرعاية الصحية، وذلك فيما يُعرف بـ “الاقتصار على الرضاعة الطبيعية” ويشمل ذلك الامتناع عن إعطاء الرضّع أيّة أغذية أو مشروبات أخرى – حتى الماء – باستثناء لبن الثدي مالم ينصح الطبيب المعالج بعناصر أخرى بحسب كل حالة.

وعند بلوغ الشهر السادس، عليكِ البدء بإعطاء الرضيع أغذية مكمّلة إضافة إلى لبن الثدي. لكي تمدّه بكمية كافية من الطاقة والبروتينات كي تلبّي احتياجات الطفل الغذائية وتضمن نموّه بشكل جيد.

وتُعدّ هذه المرحلة من المراحل الفارقة، تلك المرحلة التي يحتاج فيها الطفل للتأقلم على الطعام بعد الاعتماد الكلي على الرضاعة فقط، فتلك هي الفترة التي يعاني فيها الكثير من الرضّع من سوء التغذية، لذلك احرصي كل الحرص على إعطاء الطفل أغذية مكمّلة مناسبة وكافية؛ لينتقل طفلك على نحو سليم، من مرحلة لبن الثدي إلى مرحلة الاعتماد الكامل على أغذية الأسرة.

لاتنسي في هذه الفترة الاهنمام بإعطاء طفلك اللقاحات الآمنة في مواعيدها المحددة، تحت إشراف الطبيب المختص، حفاظا على صحة طفلك فيما بعد.

 من عمر عامين حتى خمسة أعوام:

 هذه المرحلة تعتبر مختلفة عمّا يسبقها، فيصبح للطفل اختياره ويبقى عليكِ مسؤولية اختيارك لطفلك الطعام الصحي المتوازن ومحاولة إبعاده عن كل ماهو غير صحي. إضافة إلى اهتمامك بصحته النفسية وتنمية قدراته ومواهبه، فتلك المرحلة شديدة الأهمية في التأثير على شخصية الطفل وقناعاته.

أمّا عن الطعام، فعليك مساعدة طفلك على تناول خمس وجبات يومياً من بينها الوجبات الخفيفة من الفواكه أو الخضروات، وهذا ليس أمراً صعباً حتى مع رفض طفلك وامتناعه، استخدمي الوسائل المناسبة التي تجذبه للطعام، استعملي أسلوب الكميات الصغيرة، أي اجعلي طفلك هو الذي يطلب المزيد، دون أن تجبريه أنت على تناول كمية كبيرة من الطعام دَفعة واحدة.

احرصي على إشراك طفلك في الأنشطة الرياضية، فذلك يساعد على صحة بدنية أفضل له، كما يساعد على تنمية مهاراته العقلية، وتشكيل شخصيته بشكل سليم.

الصحة النفسية للأطفال:

إذا كان الحديث عن صحة الأطفال يجلب إلى الأذهان أهمية الصحة البدنية، فإن الصحة النفسية للطفل لا تقل أهمية عن الصحة البدنية، فبحسب مبادئ التحليل النفسي يتضح أن تطورالشخصية الإنسانية يتأثر بكلا من العوامل الوراثية و أحداث الطفولة المبكرة، لذلك الحرص على خلق جوّ أسري مثالي للطفل في هذه الفترة، يوّرث لديه خبرات جيدة تؤثر بشكل إيجابي على حياته فيما بعد، مما يؤهله للقدرة المثالية على التكيّف النفسي و الاجتماعي مع ظروف الحياة.

لذا يجب على الآباء والأمهات إيلاء مزيد من الاهتمام إلى العوامل التي تساعدهم على التقويم السلوكي السليم لأطفالهم، وحمايتهم من الأمراض النفسية كالتوحد وغيره.

يمكن الاستعانة في ذلك بالأطباء المختصين، وكذلك المتخصصين بالتربية وتعديل السلوك، وبالطبع لا يخفى على الوالدين بعض الحاجات النفسية للطفل مثل:

  • الإيمان بقدراته وتشجيعه عليها في داخل الأسرة وأمام الآخرين.
  • إشعاره بأنه محل اهتمام وحب أبويه، فذلك يزيد ثقته بنفسه.
  • العفو عنه وعدم استخدام العقوبات القاسية عند الخطأ.
  • إشعاره بالأمان، فذلك يورّث عنده الصدق.
  • أن يلقى الدعم و المساندة ممّن حوله.
  • أن يحصل على التقدير الذاتي وخصوصاً من والديه فهما أهم من يرغب في الحصول على التقدير منهم.

رسالتنا لكل أمّ ، كما تهتمين بانتقاء أفضل الطعام لأطفالك، احرصي كل الحرص على تغذية عقله بما يفيده وتنمية شخصيته من أجل صحة أفضل ومستقبل مشرق لأطفالك.